أكثر من 20 نصيحة لخطبة جمعة مليحة
مثل غالبية المسلمين العظمى أبادر لحضور
هذا اللقاء الأسبوعي ظهراً، وعلى عكس السواد الأعظم منهم أذهب مبكراً
لأختار لي مكانًا بعيداً عن الأعمدة والصواري وجدران المسجد، قريبًا من
الخطيب، مهتديًا بسنة حبيبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: “من غسَّل واغتسل وبكَّر وابتكر ودنا فأنصت، ولم يلغُ كان له بكل خطوة كأجرِ سنةٍ صيامِها وقيامِها“..
ومن ناحية أخرى لأرى ملامح الخطيب وانفعالاته وأقيّم أداءه وأسلوبه في إقناعي -على الأقل- بوجهة نظره.
الرسالة والمرسل والمستقبل:
أرقب من مكاني أولئك الذين غدر بهم الليل
فجاءوا لينتقموا منه في وضح النهار، ألحظ ذلك الذي غلبه السهاد فتدلى رأسه
حتى بانت فقرات عنقه، وإلى جانبه آخر يخط على السجاد دوائر ومربعات ثم
يمسحها ويعيد رسمها ويحصي في جلسته جميع ما اخترع الخوارزمي من أرقام،
وثالثهم يمارس هوايته في تقليم أظافر قدميه، والتنقيب عما بين أصابعه،
فالمسجد – من وجهة نظره- هو المكان الأمثل لهذه المهمة الأسبوعية، وآخر
شارد في ملكوت بعيد، وغيره منجذب لحديث الهمس مع جاره عن مباراة الأمس
وأحداثها، وأتعس منهما منشغل بتقليب الرسائل والأسماء في جواله..
على مدار نصف ساعة أو تزيد يرسل الخطيب
كلماته وينتقي عظاته وشريحة عريضة من الجمع الغفير في غفلة عما يقول وهم
عنه ساهون، ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء الخطبة والخروج من المسجد، لذا
ساءلت نفسي ترى أيكون الخلل في المرسل أم في المستقبِل؟ أم في كليهما؟ أم
أن الرسالة – التي كلي يقين بقوتها- لم تُصغَ بطريقة صحيحة؟
خطبة الجمعة وطريق التغيير:
خطبة الجمعة، مؤتمر مقدس لأمة الإسلام ولا
تأثير، اجتماع دوري مفروض على كل أبنائها ولا تغيير، لقاء متجدد يجبر كافة
الحضور على الاحتشام والإنصات حتى انتهائه ولا اعتبار كأنما هي عادة أو
عرف اجتمع عليه العامة يمارسونه على استحياء..
بحاجة لخطيب يعرف كيف يوزع محتواها، ويحافظ على جذب انتباه المصلين إلى: “وأنت يا مؤذن أقم الصلاة“،
بحاجة لتجهيز لأن الإعداد احترام للمستمعين، كأنما هي رحلة تقلهم في طائرة
حتى يصلوا إلى بر الأمان، فالخطابة من أكبر المؤثرات في البشرية في كل
مكان وفي كل زمان، وقد أشار لذلك الزعيم الألماني (أودلف هتلر): “كل الأحداث العظام التي هزت العالم لم تحدثها الكلمة المكتوبة بل الكلمة المنطوقة“، فالحرب أولها كلام وآخرها كلام، فليتنا نستغل هذا الكلام.
وكلما كان الإلقاء مختصراً كلما احتاج
تكثيفاً وتركيزاً أكثر، رحم الله الشيخ علي الطنطاوي حين طلب منهم أحدهم
إلقاء درس مدته ساعة فقال أمهلوني أسبوعاً أجهز نفسي، فقالوا: اجعله درساً
مدته 10 دقائق فقط، قال: إذن أحتاج لشهر كامل“
ليس بالضرورة أن تقتصر خطابة يوم الجمعة
على المتمكن من العلم الشرعي، فكم عالم لا يقدر على توصيل المعلومة لعدم
معرفته بأدوات الخطابة وأساليبها، وأساسيات الخطابة علم مكتسب له قواعد
وأصول وليس بالفطرة.
وانطلاقًا من: “لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها” هذه مجموعة من النصائح لخطيب الجمعة، أنقل بعضها بتصرف من حلقة فن الخطابة برنامج علمتني الحياة الجزء الثاني د. طارق السويدان.
نصائح وتوجيهات لخطيب الجمعة:
أخي الخطيب:
- إخلاصك لله بعيداً عن علو الذات هو أول درجات نجاح الخطبة وتأثيرها على الناس ووصولها لمكانها الصحيح.
- ابدأ بداية متقنة، واحرص على إلقاء متمكن تصل بالمستمعين بأمان لختام موفق.
- حافظ على وحدة الموضوع بعيداً عن التشتيت، ليخرج الناس وقد انطبع في أذهانهم جميعاً عنواناً واحداً وفكرة واحدة دارت حولها الخطبة.
- إذا كنت ناقلاً فالصحة وإذا كنت مدعيًا فالبرهان.
- استأنس بالدليل من القرآن الكريم والسنة النبوية في كل فكرة وقضية.
- اجتهد أن يوافق قولك فعلك حتى يصدق الناس ما تطلب منهم.
- الخطيب الناجح هو الخطيب الصادق.
- انتق قصصًا بعيدة عن الخيال والإفراط في المثالية قريبة من أحوال الناس وفكرهم.
- لا مانع من استخدام اللهجة العامية والأمثال الشعبية لتوضيح الفكرة.
- حدث الناس بما يعقلون وعلى قدر عقولهم ومستوى فكرهم.
- اهتم بأركان الخطبة الأربعة مجتمعة: الإعداد والمحتوى والأسلوب والإلقاء.
- تحكم في طبقات صوتك علواً وانخفاضاً وتلويناً وتنويعاً حسب المقام ومقتضى الحال.
- اجعل أداءك في قراءة القرآن يختلف عن الدعاء والابتهال يختلف عن الشعر والأمثال.
- كن طبيعياً في حركاتك وأدائك بلا تمثيل ولا مبالغة.
- حادث الناس في الخطبة كأنك تخاطب صديقاً مقرباً.
- اجمع مع حسن الأداء فائدة للناس علمية كانت أو فكرية أو ثقافية أو دعوية.
- لا تسفّه أفعالهم ولا تحتقر صنيعهم بل أرشدهم بلطف لطريق الصواب الذي حادوا عنه.
- فن الوقفات من روائع الخطبة الفاعلة، حينما ترى الترقب في عيون المصلين لما هو قادم.
- استخدم الأسلوب الإنشائي والخبري، ولا تجعل الخطبة سرد حروف ونظم جمل.
- نوّع بين النماذج من سير الأنبياء إلى الصحابة إلى التابعين إلى معاصرين.
- اربط بين الواقع الذي يعيشه الناس وموضوع الخطبة الأساسي، حتى يشعروا أنك منهم قريب.
- خاطب المتوضئين عن الأحداث الجسام التي تمر بها البلاد وتؤثر في العباد.
- درّب نفسك على كافة محتويات الخطبة قبلها أكثر من مرة.
- سجّل خطبك وشاهدها أو استمع لها لاحقاً حتى تقيّم أداءك وتعرف نقاط ضعفك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حدثوا الناس بما يعقلون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟“
No comments:
Post a Comment