الصفحات

أعلان الهيدر

Tuesday, October 23, 2012

الرئيسية كيف تجد الطريق لطاقة الأفكار في أعماقك؟

كيف تجد الطريق لطاقة الأفكار في أعماقك؟

هُرع أحدُهم إلى الإمام (أبي حنيفة) رحمه الله يسأله عن متاعٍ نسي أين خبأه، فأرشده الإمام لحلٍ عملي حينما طلب إليه أن يصلّي الليل كلَّه، فانتصب الرجل يعبد الله وإليه يتضرع، وفي منتصف الليل تذكّر أين وضع ضالته فوجدها ونام..
وما إن أعلن الصباح عن أنفاسه الأولى سارع بإخبار الإمام بما حدث، فقال النعمان بن ثابت: “كنت أعلمُ أن الشيطانَ لن يدعَك تمضي ليلك قائماً”..
- هل كان يعلم الشيطان بمكان المتاع فوسوس به للرجل عندما رأى استقامة حثيثة في دربه؟
- أم جنّد جيوشه ليبحثوا عنه فقطع على الرجل صلاته وأخبره بالمكان؟
- أم تراها غشاوة تسلّط بنصبها أمام أعين بني آدم، التائهين منهم، في محاولة لإضلالهم عن سبل صلاحهم ما أمكن؟
- أم أن الحقائق والأفكار والحلول هي دوماً في وجداننا لكن لن نستنير بها إلا بعد الإلحاح في الطلب والجد في المسألة والتركيز والمداومة في العمل؟
- أم هو صفاء ذهنيّ خالص وتكشّف جليّ للحقائق يبزغ حالما تغتسل الروح في نهر العبادة؟
إجابة مفصلة على الأسئلة أعلاه كفيلة بتوضيح خطوات خمس لكي نجد الطريق لاكتشاف نهر الأفكار المتدفق في أعماقنا.. ونتعرف من كثب على المارد الذي ينتظر من يُسرج القنديل ويذلل المستحيل..

1- التسبيح والاستغفار:

- احرص على أن تجعل لسانك رطباً بذكر الله، تنعم بذهن صافٍ على الدوام، وتركيز عالٍ في كل لحظة من وقتك.
- هل تقدر على الاستمرار في الاستغفار لمدة 5 دقائق متواصلة، فلا تفكر في شيء من الدنيا ولا يشغل ذهنك سوى ذكر الله؟
جرب الآن! (انقطع عن كل ما حولك واقرأ النص: أستغفرُ الله.. لمدة 5 دقائق)
- حالما تبدأ بالاستغفار تتقافز إلى ذهنك آلاف المسائل والمشاكل والمواضيع والقصص والطلبات والأحداث والأخبار والفعاليات المعلقة.. كلها تهاجمك لتلفت ذهنك عن التركيز.
- هاجم ذلك الهجوم، واستمر في الاستغفار، ستبدأ موجة جديدة في الظهور تضم العديد من التبريرات والاقتراحات ووسائل الربط والتشبيك والحلول لتلك المشاكل والقصص والأحداث في محاولة جديدة لإيقافك وتشتيت تركيزك.
- استمر في الاستغفار، لتقضي على نزعٍ أخير من فلول الغشاوة، يتمثل في إيهامك بعدم جدوى ما تفعل أو أن ما تقوم به هو إضاعة وقت لا أكثر، بدعوى أن هناك مهارات وسبل أفضل لاستخراج طاقة أفكارك وتذوّق أنهارها العذبة.
- إن تمكنت من الوصول لخمس دقائق كاملة فقد بدأت تأخذ بزمام المبادرة والتحكم بعقلك، أهنئك.. أنت الآن تعرف كيف ومتى تحدد وقت التركيز.. يمكنك الانتقال للمرحلة التالية.

2- لا للتشتيت

- كثرة الضحك تميت القلب.. والروح، والعقل أيضاً.
- إن لم تشغل وقتك بما يفيد.. شغلك بما لا يفيد.
- التلفزيون مفيد جداً.. ليس لأكثر من ساعة في اليوم.
- عندما تكون الإنترنت لهدف إيجابي فهي وسيلة تعارف وترفيه وتثقيف وبحث وتسلية وتجارة ودعوة وتعليم و.. أي منها تختار؟ ما بالك لو كانت لهدف سلبي؟
- بعد أول تعارف ثبت أن أكثر من 83% من الناس تنسى الأسماء، هل عندك طريقة خاصة لحفظ الأسماء والأشخاص والعناوين والمواضيع؟
- أساليب متبعة للحفظ: (الربط –  التركيز – التحديق – العلامات – التكرار)
صدقاً.. هل علق في ذهنك نص العنوان الذي رجوت حفظه في البداية؟
إذا كنت تظن ذلك فالرجاء كتابته في تعليقك أو مداخلتك بالأسفل.

3- التخصص ضد التحجيم

- غاية، طموح، هدف.. الترتيب من الأكبر والأهم إلى الأقل أهمية، مثال: غايتي إرضاء الله عز وجل، طموحي أن أكون رجلاً صالحاً في الأمة، هدفي المرحلي تكوين أسرة مسلمة تعبد الله وتعمر الأرض، ثم تتوالى الأهداف لأننا خلقنا أطواراً.
- بناء على الترتيب السابق أحدد اهتماماتي وتخصصي المركزي في الحياة، وألمّ بكل صغيرة وكبيرة فيه، وأجمع ما يشفع لي من معرفة في مجالات أخرى موازية قد لا تكون ذات علاقة بتخصصي لكنها سبيل لأعرف عما يتحدث من حولي.
- أسمع بديع أفكار من حولي، ثم أترك العنان لذهني كي يحاكي أفكارهم في عالمي ويطبقها على تخصصي ومجالي وبأسلوب جديد وهيئة مختلفة أجترها للعالم.
مثال:
مصور أخرج صورة بفكرة إبداعية لحدث ما..
يمكن لرسام أن يحاكي فكرته في عالمه بالفحم أو الزيت مثلاً..
كما لأديب أن يكتب عن محتواها نثراً أو شعراً..
لم لا يلحّن المنشد هذا الشعر ليعبر عن الصورة وقصتها في أنشودة من أدائه؟
وما الذي يمنع أكاديمياً من الاستشهاد بتلك الفكرة لطلابه ليحذوا حذو صاحبها؟
وكذا كافة أطياف المعمورة كل واحد منها يمكنه أن يستثمر نجاح فكرة رائدة، عندما يطورها لصلاح شأنه وأمور تخصصه.. وهذا يسمى مرآة الإبداع.

4- اشحن نفسك واهتم بغيرك

- ما يتبادر على ألسنتنا من كلمات وما يمر بنا من خواطر وأفكار ما هي إلا تركيب جمعي لكل ما عاصرناه في حياتنا مذ كنا أجنة في بطون أمهاتنا، بالمناسبة الخوف من الظلام يرجع علماء النفس جزء كبيراً منه لأيام الرضاعة حينما كنا نستيقظ والظلام يسربل المكان من حولنا ولا نعرف له تفسيراً إلا البكاء.
- بقدر ما تطالع وتقرأ وتتعرف على علوم وثقافات أخرى بقدر ما تشحن نفسك بأساليب حوار ومرادفات وتراكيب لغة ونهج وحيل وسبل وحلول ومعارف وأفكار ومنافع تسعفك وقت الحاجة، لا تعرف متى تعلمتها ولا أين قرأتها، ولكنها تأتي في وقتها، فاحرص على دوام فحص عداد زادك، وما سُمي الزاد زاداً إلا لأن الزيادة ديدنه.
- “من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”، اهتمامك بالآخرين يجعلك تفكر في حلول لمشاكل تعرض لهم؛ لتوفر بدائل أسهل لمعيشتهم وأريح لحياتهم..
فكرة الكاميرا لحظة إبداعية خطرت لعالم البصريات الجليل (ابن الهيثم) وهو في “قمرة” محبوس على خلفية نفقة لم يدفعها لزوجته، لكنه رأى صورة الشرطي بالخارج تدخل زنزانته من خلال ثقب صغير وتنعكس على الجدار المقابل مقلوبة.. فشرع في أبحاثه حول تلك الصورة.
اصطدم الشيخ الهرم الخليل بن أحمد الفراهيدي أثناء مشيه في السوق بعامود المسجد، وهو يفكر في حل لمشكلة حسابية تسهّل على الناس عمليات الضرب والقسمة رغم أنه عالم لغة، فمات.
- الذهن الصافي يحتاج لهواء نقي، وجو منعش، فلا تبخل على نفسك بإجازة تجدد فيها نشاط بدنك وعقلك معاً، اختر الماء والخضرة والوجه الحسن فهي تساعدك على إعادة برمجة وتوازن مقاييس عقلك، بمعنى آخر: عمل إعادة تشغيل للنظام reset.

5- جدوِل لكل جدوَل..

- إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك.. كل سنة محسوبة عليك بما معدله 3 مليون نفس تقريباً، كم منها خططت له؟
- أعرف من عندهم جدول مرن وخطط قابلة للتعديل والتبديل لوجبات الطعام خلال الأسبوع، وجدول للملابس وألوانها، وللجوارب، ولزيارات الأرحام والقبور، ولرسائل الجوال القصيرة SMS وساعات الإنترنت، ولمشاهدة التلفاز والخروج مع الأصدقاء، وقراءة القرآن، ولممارسة الهواية، وللقراءة، ولشئون عمله ودراسته، وللترفيه، وللعب مع الصغار والتسوق، والنوم، والتأمل.. و.. كم مرة اتبعت جدولاً في حياتك؟
- هناك من يتخيل ذهنه غرفاً متفرقة ويخصص غرفة لكل غرض، وغيره يتخيله مكتباً وفيه أدراج، أو حديقة وفيها أحواض، أو كمبيوتر وفيه أقراص مرنة، أو فندق وفيه غرف.. و هل رسمت صورة لذهنك أبداً؟
- المنظم في بيته منظم في عمله منظم في أفكاره وفي عقله وفي شأنه كله..
- “إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً”، لا أقتنع أنه يقدر على تنظيم وقته من لا يصلي.
- منذ أن أصبح عمرك 18 سنة كم ساعة تنام؟

ختاماً..

تلك إجابة تفصيلية، ولا أدري هل هي مصل يحوي العلاج الكافي لإخراج طاقة أفكارك، واستكشاف منابع إبداعك؟ أم أنها وصفة خاصة لا تفلح مع التعميم، وتحتاج لطقوس أخرى ليفلح سحرها وتفك شفرتها، إن كانت الأولى فبها ونعمت، وإلا فأحتسب عند الله أني اجتهدت ولي أجران..

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.