المــــــــــــــــلل
وعلاجـــــــــــــــــه
أعجبُ
لمن يقول مللتُ أو أصابني ملل أو أشعرُ بالملل أو حياتي كلها ملل ... !!
لا توجد مسألة ولا
مشكلة إلا ولها حل في الإسلام ، بل لها حلول ... !! ،
والملل والروتين ،
والحياة الرتيبة لا يكونان إ
لا من الفراغ الروحي
ونقص ٍ في الغذاء الروحي ، فجسم الإنسان ُخلق من تراب الأرض وغذائهُ
مما ينتج منها
من لحوم
وخضار وفاكهه وغيرها ، والروح من الله عز وجل ،
وأتت من السماء فمزجت مع الجسد
فأصبحت إنساناً ، وغذائها لا
يأتي إلا من الله جل
جلاله ، وبما جاء عنه ، فلذلك بعث الله الرسل للدلالة عليه ،
فالروح تشتاق للمكان
الذي أتتمنه ،
والجسد الذي
خُلقَ من تراب يشتاق إلى الغذاء الذي خـُلقت منه وهو الطعام والشراب
والشهوات ،
ولا تؤثرالمسليات والمرفهات
الدنيوية ِبالروح إلا قليلاً ، فهي أكثر ما تؤثرُ بالجسد ، ولكن تبقى الروح تحن
وتشتاق وتتوق
إلى موطنها وكل خبر يأتي منه عن طريق الرسل
والأنبياء ، وهذه الروح التي يتحكم بها الجسد ،
فيلغيدورها بغمسها في الملذات
الدنيوية موهماً إياها بأن هذه هي مُنتهى السعادة ... !! ويكون
الشيطان عوناً لها
، وإلا لمَ يشعر بالملل
من عاش وذاق الملذات الجسدية والشهوات بشتى
أنواعها ، وملك الملايين والمليارات ؟؟
ليس ذلك إلا لأنهُ غذى
الجسد ولم يُغذي
الروح ، فنجد أنَّ من أعلى نسب الإنتحار في دول العالم الغنية مثل السويد
وباقي الدول الأوروبية وأمريكا وغيرها ، ممن عاشوا الرفاهية وانغمسوا
في الملذات والشهوات ،
ونسوا أو تناسوا غذاء الروح الذي هو من رب
البريات ... !! .
وقد ذكر الشيخ محمد
حسان قصة ملياردير أمريكي ، أخبرهُ بأنه جربَ جميع الملذات والشهوات ،
ولم يبقىشيء إلا وعملهُ فلم يشعر بالسعادة ، بل حاول الإنتحار مرات ٍ عديدة
، وقال للشيخ محمد بعد أن منَّ الله عليه
ِ بالإسلام : والله
ما شعرت بلذة الحياة ولا ذقت طعم السعادة الحقيقية ، ولا بالرضا في نفسي
إلا بعد أن أسلمت وتغلغل
الإسلام في قلبي ، فهذه هي السعادة الحقة ... !! .
فمن
أين أتت الروح وما هو غذائُها ... ؟؟
ومن
أينَ تأتي طمأنينة القلب ، وما سعادته ... ؟؟
قال
تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا
أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا ً ) الإسراء 85 .
وقال
تعالى : ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا
وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء 91 .
وقال
تعالى : ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا
فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) التحريم 12 .
وقال
تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْـتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا .... ) المائدة 3 .
وقال
تعالى : ) وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ
إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) الأنعام 38 .
* وعندما جاء يهودي
إلى سلمان الفارسي (رضي الله عنه) فقال له : أعلمكم
نبيكم كلَ شيء ؟؟ قال : نعم حتى ( الخرأة ) علمنا كيفَ نستنجي منها .
فإكمال الدين يشمل
الكتاب والسنّة ، وكذلك الآية (ما فرطنا في الكتاب من شيء ) .
فالإسلام هو منهاج
حياة ، بل هو الحياة نفسها ما دام ربنا عز وجل رضيهُ لنا ، فإذا إستقمنا عليه
وفهمناه وعملنا به ِ إستقامت حياتنا كلهـــا وعندها لا نشعر
بالملل ولا بالغم ولا بالهم ، بل لذقنا طعم السعادة والهناء وتلذذنا بهما
كما يتلذذ أحدنا بأجاود الطعام وأطايبه.
والملل لا ينتج إلا عن مرض
ٍ وفراغ ٍ في القلب والروح ، فكل ما تشعر به ِ من ملل
وشقاء وسعادة وسرور هو من مكنونات الصدر، وبالتالي القلب والروح المُسببان ِ لها .
والعلاج يبدأ
بمعالجة ٍٍ للقلب والروح معاً ، واللذان هما صندوقا المشاعر والأحاسيس :
قال
تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ
اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد 28 .
فطمأنينة القلب لا
تكون إلا بذكر الله وتعلقهٌ به ِ، فإذا تعلقتَ بالله ، بلغكَ الأمل وأبعدَ عنك َ
الملل الذي هو مخلوق لله ، فقلوبنا بين إصبعين من أصابع الرحمن يُقلبها حيث يشاء ،
فإذا كنت مع ربك عز وجل ،
كان معك ورفع عنك ما
تـُعاني من ملل ٍ وهم ٍ وغم ٍ وحزن ٍ وضيق .
*{} عن عبد الله بن
عمرو بن العاص قال أنه سمع رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) يقول إن قلوب
بني آدم كلها بين
إصبعين من أصابع الرحمن ، كقلب ٍ واحد ٍ يصرفه حيث يشاء ثم قال
رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) اللهم مُصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ) رواه مسلم .
فالقلب الذي هو
صندوق الأحاسيس ومنها الملل ، إذا دعوت بهذا الدعاء ، ودعوت رب القلوب
يصرف عنكَ
الملل والروتين الذي تشعرَ به ِ مهما كان ، ومهما عظـُم .
*{} وعن أنس (رضي
الله عنه) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكثر
أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
" فقلت : يا رسول الله ، آمنا بك ، وبما جئت به ، فهل تخاف علينا ؟ قال : نعم
، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف شاء ) رواه الترمذي وابن
ماجه .
*{} وعن عبد الله بن
عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
يقول : ( إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن ، كقلب
واحد ، يصرفه حيث يشاء )
رواه مسلم وأحمد .
*{} قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ( اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا
على طاعتك )
رواه مسلم وأحمد .
وتثبيت القلب لا
يكون إلا بالذكر والدعاء المستمران لمن قلبكَ وروحكَ بيده ِ .
قال تعالى : ( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ
لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) آل عمران 8
*{} عن العباس بن
عبد المطلب (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ذاق طعم
الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا
وبمحمد رسولا ) مسلم في الصحيح وأحمد والترمذي .
ومن
ذاق طعم وحلاوة الإيمان هل يشعر بالملل ... ؟؟
*{} وعن أبي سعيد
الخدري (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وجبت له
الجنة ) صحيح مسلم .
*{} عن أبي هريرة
(رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :
( من قال حين يصبح
وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة
بأفضل مما جاء به
إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه ) رواه البخاري ومسلم
.
فالقلب الذاكر
المُهلل المُسبح المُبتهل إلى الله لا يمل ولا يكل ولا يفتر ،
ويُبقي الروح مُعلقة
بخالقها وبارئها .
*{} وعن ابن مسعود
(رضي الله عنه) قال : ( كان نبي الله (صلى الله عليه
وسلم) إذا أمسى قال : أمسينا وأمسى الملك لله ، والحمد لله ، لا إله إلا الله وحده
لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، رب أسألك خير ما في هذه
الليلة ، وخير ما بعدها ، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها ، رب أعوذ
بك من الكسل وسوء الكبر ، رب أعوذ بك من عذاب في النار ، وعذاب في القبر وإذا أصبح
قال ذلك أيضا أصبحنا وأصبح الملك لله ) رواه مسلم والترمذي وأحمد وأبو داود
.
ومن سأل الله من خير
يومه ِ وليلته ِ وتعوذ من شرورهما ، وتعوذَ من الكسل
الذي لا يأتي إلا بالملل ، وحمدهُ وأثنى عليه ِ ، فهل يكلهُ ربهُ عز وجل إلى غيره ِ ، وخاصة ً الملل ... ؟؟ .
*{}وعن عبد الله بن
حبيب (رضي الله عنه) قال : ( خرجنا في ليلة مطر وظلمة
شديدة نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركتاه فقال : قل فلم أقل شيئا ،
ثم قال : قل فلم أقل شيئا ، تم قال : قل : فقلت : يا رسول الله ما أقول ، قال : قل
: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء )
رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي بإسناد حسن .
* أليس
الملل يندرج تحت مُسمى كل شيء : ( تكفيك من كل شيء )... ؟؟ .
*{} وعن عثمان بن
عفان (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة : بسم الله
الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات
فيضره شيء ) رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي حديث صحيح
.
* أليس
الملل وغيره يندرج تحت مُسمى شيء ...؟؟. فلا يضر مع اسمه شيء .
*{} وعن أنس (رضي
الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من
قال حين يصبح أو يمسي : اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك ، وملائكتك وجميع
خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك أعتق
الله ربعه من النار . ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار . ومن قالها ثلاثا
أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار ، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار)
رواه أبو داود بإسناد حسن ، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة بسند حسن .
ولفظة أخرى : من قال
حين يصبح : اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك
وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك
أعتق الله ربعه ذلك اليوم من النار ، فإن قالها أربع مرات أعتقه الله ذلك اليوم من
النار ) رواه الترمذي أبو داود.
*{} وعن عبد الله بن
غنام (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من قال حين يصبح : اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من
خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر يومه ، ومن قال ذلك
حين يمسي فقد أدى شكر ليلته ) رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد
حسن ، وهذا لفظه لكنه لم يذكر " حين يمسي " وأخرجه ابن حبان بلفظ
النسائي من حديث ابن عباس (رضي الله عنهما) .
فمن
أدى شكر يومهُ وليلته وأدى شكر النعم ، فهل يشعر بالملل ؟؟
*{} وقال عبد الله
بن عمر (رضي الله عنهما) : ( لم يكن النبي (صلى الله
عليه وسلم) يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح . اللهم إني أسألك العافية في
الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ،
اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن
شمالي ومن فوقى ، وأعوذ بعظمتك أن اغتال من تحتي ) أخرجه الإمام أحمد في
المسند ، وأبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم .
*{} وعن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو
على كل شيء قدير ، من قالها عشر مرات حين يصبح
كتب الله له مائة حسنة ، ومحا عنه مائة سيئة ، وكانت له عدل رقبة ، وُحفظ بها يومئذ
حتى ُيمسي . ومن قالها مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك ) البخاري ومسلم
والإمام أحمد ومالك والترمذي وابن ماجه .
*{} وعنه أيضا قال :
قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( من قال إذا أمسى
ثلاث مرات :
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم تضره حمة تلك الليلة )
رواه الإمام مالك وأحمد
والترمذي بإسناد حسن . والحمة سم ذوات السموم كالعقرب
والحية ونحوهما.
*{} وأخرج مسلم في
صحيحه عن خولة بنت حكيم (رضي الله عنها) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : ( من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق
لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ) رواه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجة
والدارمي
*{} الدعاء بتثبيت
القلب على الدين ، وإظهار الافتقار إلى الله عز وجل ؛ ولهذا كان النبي (صلى الله
عليه وسلم) يُكثر الدعاء بالثبات على دين الله عز وجل ، فعن أم سلمة (رضي الله
عنها) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : كان أكثر دعائه :
( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " قالت : قلت : يا رسول الله ما
أكثر دعاءك : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
؟ قال : " يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا وقلبه
بين أصبعين من أصابع الله ، فمن شاء أقام ، ومن شاء أزاغ ) فتلا معاذ قوله
ِ تعالى: ( ربنا لا تزغ قلوبنا
بعد إذ هديتنا
) رواه أحمد والترمذي .
*{} وعن أبي هريرة
(رضي الله عنه) قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يتعوذ من : " جهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء
) رواه البخاري ومسلم وغيرهم .
* أليس
الملل وغيره يندرج تحت مُسمى جهد البلاء ، ودرك الشقاء ... ؟؟ .
*{} فينبغي للمسلم
أن يكثر من هذه الأدعية التي هي من أسباب حسن الخاتمة
وطاردة للملل ، وعليه أن يكثر من " لا
حول ولا قوة إلا بالله " فعن عبد الله بن قيس رضي الله عنه قال : قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( يا عبد الله بن
قيس ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ " فقلت : بلى يا رسول الله ، قال :
" قل لا حول ولا قوة إلا بالله ) رواه البخاري ومسلم وغيرهم .
*{} وقصر الأمل من
أسباب حسن الخاتمة وتـُبعد عنك الملل ، وطول
الأمل ضد ذلك ويُصيبك بالملل ، لأن قصر الأمل
يحث صاحبه على اغتنام الأوقات والأعمال الصالحة فلا يشعر
بالملل ، ولهذا أخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) بمنكبي عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما وقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر
سبيل ) البخاري وغيره . وكان ابن عمر يقول : (
إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ،
ومن حياتك لموتك ) البخاري .
*{} وعن أنس ٍ (رضي
الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (
إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله " فقيل : كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال :
يوفقه لعمل صالح قبل الموت ) رواه أحمد والترمذي . وفي رواية لأحمد ( إذا أراد الله بعبد خيرا عَسَلهُ قالوا : وكيف يَعْسِلهُ
؟ قال : يفتح الله عز وجل له عملا ً صالحا ً بين يدي موته حتى يرضى عنه جيرانه ،
أو من حوله ) رواه أحمد .
* {} وعن أبي هريرة
(رضي الله عنه) : ( أن النبي (صلى الله عليه وسلم)
قال : عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام والسام هو
الموت ) رواه الترمذي .
قال أبو عيسى وعن
بريدة وابن عمر وعائشة (رضي الله عنهم) هذا حديث حسن صحيح ،
والحبة السوداء هي
الشونيز.
وهذا
علاجٌ آخرٌ ماديٌ للملل وغيره ِ، أليس الملل بداء ٍ، والحبة السوداء فيها شفاءٌ من
كل داء ٍ... ؟؟
أقــــــــول
:
قلبٌ
مُعلقٌ بالله كيف َيملْ ... ؟؟
وقلبٌ
يذكر الله كيف َيمل ... ؟؟
وقلبٌ
يدعو الله ويُناجيه ِ فكيف َيملْ ... ؟؟
وروحٌ
تحنُ إلى موطنها وبارئها ، وتتغذى العلم والدين
والتوحيد
منه ، فكيف تمل وقد أشبعت وارتوت ... ؟؟
*
وهذا حصن ٌ وتحصينٌ للمسلم ووقاية ٌ من كل ِ شيء ، إذا خرج من بيته ، فلا يضرهُ
شيءٌ بإذن الله العليّ القدير .
*{} ما ُيقالُ عند
الخروج من المنزل ، عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال : قال رسول (صلى الله عليه
وسلم) : ( من قال إذا خرج من بيته بسم الله ، توكلت
على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، يقال له حينئذ كفيت ووقيت وهديت وتنحى عنه
الشيطان ، فيقول لشيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقى ) رواه أبو
داود والنسائي والترمذي بإسناد حسن .
فكيف برجل ٍ هُّديَّ
وكُفيَّّّ ووُّقيَّّ وتنحى عنه الشيطان ، يشعر بأي ملل
ٍ بعد ذلك ... ؟؟ .
وهل
يأتي المللُ إلا من الشيطان اللعين ...؟؟.
*{} وقالت أم سلمه
(رضي الله عنها) : ( ما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بيتي قط إلا رفع
طرفه إلى السماء وقال : اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو
ُأضل ، أو أزل أو ُأزل ، أو أظلم أو ُأظلم ، أو أجهل أو ُيجهل علي ) رواه
الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، وهذا لفظ أبي داود وإسناده صحيح .
ثم ، لو عشنا حياتنا
الدنيا بسعادة ٍ تامة ، وما عشنا لحظات ملل ٍ
وألم ٍ وحزن ٍ ومرض ٍ
وابتلاءات ٍ ، فما حاجتنا إلى الجنة إذا ً... ؟؟
وكيفَ سنتضرعُ إلى
اللهِ ما دمنا في سعادة وهناء دائمين ... ؟؟
فمن رحمة الله ومنه
ِ وكرمه ِ علينا ، أن ابتلانا بشتى الابتلاءات حتى نتذكر نعمة الله ِ علينا ،
فكيفَ سنعرف قيمة الصحة إذا ما أصبنا بمرض ؟؟ ومن فضل الله علينا أن أرانا حالات ٍ
لأشخاص ٍ مشوهين خَـلقياً لنتذكر فضل ونعمة الله علينا ونقول ، الحمد لله الذي
عافانا مما إبتلى كثيراً من الناس ... !! .
والصحة
ُ تاجٌ على رؤوس ِ الأصحاء ِ لا يراهُ إلا المرضى ...
* {} فلذلك أوصانا
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألا ننظر إلى من هو أغنى وأعلى منا مكانة ً ، فقال
:
( من رأى من فضل عليه في الخلق فلينظر إلى من هو
أسفل منه ) وفي رواية : ( فلينظر إلى من تحته
،
ممن هو ُفضل عليه ، فإنه أجدر ألا يزدري نعمة الله )
سنن الترمذي . أي هو
حقيق بعدم الازدراء ، هو يتنقصه يقع فيه ويذمه .
* {} وفي معناه ما
أخرجه الحاكم من حديث عبد الله بن الشخير رفعه : (
أقلوا الدخول على الأغنياء فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة الله )
* {} وعن مصعب بن
سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : ( قلت يا رسول الله أي
الناس أشد بلاء ؟ قال : الأنبياء ،ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه )
الدارمي والنسائي في السنن الكبرى،
وابن ماجه وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم
ورحم
اللهُ القــــــــائل :
يا صاحبَ الهمِ إنَّ
الهمَ مُنفـرجٌ ...... أبشـــر فــــإنَّ الفـــــارجَ اللهُ
اليأسُ يقطعُ
أحياناً بصاحبــــه ِ ......لا تيــأسنَ فـــإنَّ الكافــــيَ اللهُ
اللهُ يُحدثُ بعـدَ
العُسـر ِميســرة ً... ....لا تـجزعنَّ فإنَّ الصانــــعَ اللهُ
إذا أ ُبتليتَ فثق
باللهِ وارضَ بهِِ ... ...إنَّ الذي يكشفُ البلوى هو اللهُ
واللهُ مالكُ غير ِ
الله ِ من أحـــد ٍ....... فحسُبـــكَ اللهُ في كـــل ٍ لكَ اللهُ
* والحمد لله رب
العالمين *
* اللهم أجعل ما
كتبناهُ وما قلناهُ حُجة ً لنا لا علينا يوم نلقاك *
* وأستغفرُ الله *
No comments:
Post a Comment